أهمية التخطيط الاستراتيجي التنموي على صعيد البلديات الفلسطينية |
تاريخ النشر: 2017/11/17

أهمية التخطيط الاستراتيجي التنموي على صعيد البلديات الفلسطينية

  

بقلم : أ.علام الاشهب مدير التخطيط الاستراتيجي في بلدية الخليل

التخطيط الاستراتيجي بمفهومه البسيط يعني التخطيط بعيد المدى, وقد استخدم مصطلح الاستراتيجية منذ القدم وخاصة فيما يتعلق بالحروب وتطور مع مرور الوقت ليصبح المصطلح المستخدم هو التخطيط الاستراتيجي والذي أصبح من ضروريات العمل الناجح في الإدارة سواء على صعيد القطاع الخاص أو القطاع العام.

يلجأ القطاع العام للتخطيط الاستراتيجي لإحداث التنمية في مختلف القطاعات الحياتية وبالأخص في حالة أن النمو الطبيعي لا يكون على المستوى المطلوب.

تنقسم الخطط من حيث المدة الزمنية للتخطيط الاستراتيجي إلى ثلاثة أقسام, قصيرة المدى, ومتوسطة المدى إذا كانت في حدود خمس سنوات, وبعيدة المدى إذا ما تحدثنا عن أكثر من عشر سنوات.

إذا ما تحدثنا عن إعداد الخطط التنموية, فهنالك عدة طرق لإعداد الخطط الإستراتيجية التنموية, من أهمها على صعيد القطاع العام تلك التي تستند إلى التحليل الاستراتيجي الرباعي SWOT analysis أي دراسة البيئة الداخلية فيما يتعلق بنقاط القوة ونقاط الضعف وكذلك دراسة البيئة الخارجية فيما يتعلق بالفرص والتهديدات.

إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الخطوات التي يجب مراعاتها عند إعداد الخطط الإستراتيجية فهي على الشكل التالي:

  • 1-تحديد القيم الخاصة بالمؤسسة.
  • 2-وضع الرؤية الخاصة بالمؤسسة.
  • 3-تحديد الرسالة التي تحملها المؤسسة.
  • 4-التحليل الاستراتيجي الرباعي.
  • 5-تحديد التوجهات الإستراتيجية للمؤسسة.
  • 6-ترجمة التوجهات الإستراتيجية إلى أهداف.
  • 7-وضع برامج ومشاريع من أجل تحقيق تلك الأهداف.
  • 8-المتابعة والتقييم.

ليس من الضروري في هذا المقام أن أفصل كيفية التعامل مع تلك الخطوات ولكن ما أود الإشارة إليه هو أن عملية التخطيط الاستراتيجي هي عملية تشاركية يشترك فيها أصحاب القرار ومدراء الوحدات المختلفة الإدارية و المالية والفنية من خلال تشكيل فريق عمل متخصص, وكذلك يلزم في عملية التخطيط التهيئة والإعداد الجيد وكذلك التوثيق في كل مراحل التخطيط, بالإضافة إلى أهمية مشاركة المجتمع المحلي في القطاع العام.

فمشاركة المجتمع المحلي في عملية التخطيط الاستراتيجي التنموي هي عنصر أساسي في عملية التخطيط الاستراتيجي لان الخطط الإستراتيجية بشكل أساسي تهدف إلى تلبية احتياجات المجتمع المحلي, فيجب أن يكون هنا خطة خاصة بعملية مشاركة المجتمع المحلي, وخاصة تحديد أصحاب العلاقة Stakeholders  في القطاعات المختلفة وتشكيل لجان متخصصة في قطاعات الخطة الاستراتيجية المختلفة وعقد لقاءات وورش عمل للوصول إلى الهدف المنشود.

قبل البدء بالحديث عن تجربة البلديات الفلسطينية على صعيد التخطيط الاستراتيجي التنموي أود الإشارة إلى أن الخطط الإستراتيجية التنموية يجب أن تتسم بالواقعية من حيث التطبيق خاصة لتسهيل عملية الحصول على التمويل المطلوب لتنفيذ المشاريع التطويرية كون هيئات الحكم المحلي في فلسطين تعتمد على الدول المانحة في الحصول على التمويل لتنفيذ المشاريع التنموية. ولا يجب أن نغفل أن الخطط الإستراتيجية التنموية هي أداه رئيسية في عملية التنمية وفي بعض الأحيان تصل إلى حد الشرط للحصول على التمويل.

لقد كان لبلدية الخليل تجربة رائدة في عملية التخطيط الاستراتيجي التنموي وكانت من أولى البلديات التي أعدت خطتها الاستراتيجية التنموية للأعوام 2000-2005  من خلال مشروع تطوير البلديات المدعوم من البنك الدولي وبمساعدة شركة ديلويت الاستشارية. واستطاعت بلدية الخليل أن تنجز خطتها الإستراتيجية التنموية الأولى وذلك بمشاركة فعالة من المجتمع المحلي, وتم عرض هذه الخطة الإستراتيجية التنموية من خلال مؤتمر كبير شارك فيه ممثلين عن الهيئات المحلية والدولية والحكومية.

اصطدمت هذه الخطة الإستراتيجية التنموية لبلدية الخليل في الواقع المرير الذي نعيشه ألا وهو الاحتلال الإسرائيلي, فعملية التخطيط وتنفيذ الخطط التنموية تتطلب الأمن والاستقرار, وكان لاندلاع انتفاضة الأقصى في العام 2000 الأثر في عدم تحول الأولويات إلى تنفيذ الأعمال الطارئة جراء الاجتياحات.

في العام 2008 كانت لبلدية الخليل تجربة أخرى في وضع خطة إستراتيجية تنموية للخدمات التي تقدمها البلدية  للأعوام 2008-2012, وكانت هذه الخطة الإستراتيجية بمبادرة ذاتية ومن خلال الكوادر التي تملكها البلدية, ولم تستند بشكل أساسي على مشاركة المجتمع المحلي, وكانت هذه من السلبيات التي اعترت تلك الخطة الإستراتيجية التنموية . لكن كان لهذه الخطة أهمية خاصة في الحصول على التمويل المطلوب للمشاريع التنموية من خلال الدول المانحة.

في هذه الأثناء عملت وزارة الحكم المحلي على تشجيع التخطيط الاستراتيجي التنموي للبلديات بمشاركة صندوق تطوير وإقراض البلديات و مؤسسات دولية كالتعاون الفني الألماني GIZ  ومؤسسة مجتمعات عالمية Global Communities ونجحت وزارة الحكم المحلي بإعداد دليل خاص بالتخطيط الاستراتيجي التنموي تم تبنيه على صعيد البلديات الفلسطينية, وتم البناء على هذا الدليل والخطوات الموضحة من خلاله ووضع الخطط الإستراتيجية التنموية لمعظم البلديات الفلسطينية كما قامت وزارة الحكم المحلي على مأسسة عملية التخطيط الاستراتيجي التنموي من خلال إنشاء وحدات خاصة بالتخطيط الاستراتيجي في البلديات الفلسطينية.

تجدر الإشارة انه وفق هذا الدليل الذي أعدته وزارة الحكم المحلي أصبح التخطيط الاستراتيجي التنموي لا يقتصر على الخدمات التي تقدمها البلديات ليمتد لكافة القطاعات التنموية في المدينة ليشمل التعليم والصحة والثقافة وغيرها.

وعودة على تجربة بلدية الخليل في هذا السياق تجدر الإشارة هنا انه كان للبلدية تجربة في العام 2010 في إعداد خطة إستراتيجية للتطوير المؤسسي من خلال مشروع مدعوم من مؤسسة مجتمعات عالمية تهدف بشكل أساسي إلى إعادة هندسة العمليات الإدارية و توثيق الإجراءات من خلال برامج محوسبة ووضع Blue Prints  لذلك وتم تطوير برامج البلدية وفقا لذلك.

في العام 2015 عملت بلدية الخليل على إعداد خطتها الإستراتيجية التنموية للأعوام 2016-2019 من خلال مشروع مدعوم من مؤسسة مجتمعات عالمية وبمشاركة فعالة من المجتمع المحلي, وقد تم إعداد هذه الخطة الإستراتيجية التنموية وفق دليل التخطيط الاستراتيجي التنموي الذي أعدته وزارة الحكم المحلي وتم طباعة هذه الخطة وتوزيعها على الشركاء وأصحاب العلاقة والمجتمع المحلي.

ومن اجل المتابعة والتقييم وبعد إجراء الانتخابات البلدية الأخيرة في شهر أيار 2017  ستعمل بلدية الخليل على تحديث خطتها الإستراتيجية التنموية للأعوام 2018-2022 وذلك بمشاركة فعالة من المجتمع المحلي ووفق الدليل المعدل للتخطيط الاستراتيجي المعد من وزارة الحكم المحلي.

خلال الفترة القليلة القادمة ستكون البلدية على تواصل مع كافة قطاعات المجتمع من اجل تحديت هذه الخطة الإستراتيجية التنموية.

17/11/2017

 

 

 

شارك هذا الموضوع